lundi 18 mai 2009

مشروع جميع الحقوق محفوظة


الإشكالية الأولى: في إدراك العالم الخارجي

المشكلة الأولى: في الإدراك والإحساس

Sensation et Perception

1- الإحساس

التطبيق الأول: المستوى اللغوي

ا- (المعجم اللغوي – القاموس)

- اشتقاق وتعريفات معجمية:

حَسّ – حَسّا، الشيء وبالشيء: أَحسّه، وحَسّا وحِسّا بالخبر: يَقِن به – أَحَسّ الشيء وبالشيء: عَلمه وشَعَرَ به وأَدرَكَهُ/ يقال: حَسّ وأحَسّ منه خبرا: أي رأى تَحسّس، تَسَمّعَ وتبصّر – وتحسّس وتسمّع الخبر: سعى في إدراكه – وتحسّس الشيء: طلبه وتعرفه بالحاسة – وتحسّس منه خبرا: تعرف منه، وحس منه خبرا – الحِسّ(مصدر) الحركة والصوت الخفي. يُقال: ما سمعت له حسا، أي حركة أو صوتا خفيا، وأن يمر بك أحد قريبا، تسمعه ولا تراه. الحِسّيُّ: ما يدرك بالحس الظاهر، وضده العقلي. الحاسّة: جمع حواس، مؤنث الحاس: القوة النفسانية المدركة، الحواس الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس. حَسّاس: جهاز في السيارة، يوطأ عليه، فيدفع البنزين إلى موقد السيارة، ويعطي السرعة المُرادة، حَسّاسات الحيا: كناية عن الشعور بالانقباض من المنكرات والخجل من المخزيات.
ب- التعريف الفلسفي(معجم صليبا): الخطوة الأولى في التعريف اللغوي، كانت هي تعريف الإحساس بالإحساس، أي تعريف الشيء بنفسه، وهو مرفوض منطقيا/ وسبب هذا التعريف للإحساس بالإحساس، هو أن الإحساس، لا ينحل إلى ما هو أبسط منه، فهو الوحدة الأساسية (للمعرفة)، لذلك لم يزد التعريف المعجب على التكرار(حَسّ الشيء وحَسّ بالشيء: أَحَسّهُ)، وهو عبارة عن تعريف الماء بالماء، فهو من الناحية المنطقية لا تعريف. لكنه سرعان ما ينتقل إلى درجة فوق الحس، عندما يذكر الإحساس بالخبر، فالمعرفة هنا ليست أولية بسيطة وعضوية إن صح التعبير، وأَحَسّ حَسّا وحِسّا بالخبر: أيقن به، فالمقصود هنا يتجاوز وظيفة الحواس إلى وظيفة نفسية وعقلية، هي حصول اليقين، لكن لماذا يُعبَّر عنها بالإحساس (أَحَسّ الخبر)؟ نعم، إن اللغة اصطلاحية، اتفق عليها الناس، لكنها مع ذلك لا تخلو من معقولية، لأنه لا خبر بلا إحساس، حتى ولو كان هذا الخبر من قبيل الاعتقاد في الغيب، مثل الجنة والنار والملائكة والشياطين، وما أشبه ذلك، فهي أمور لا تنتقل إلى إلى درجة اليقين، إلا بعد أن توضع في قوالب حسية، مثل السماع بها مثلا، فلا خبر بلا إحساس.
وأكثر من ذلك، يضيف المعجم اللغوي: أَحَسّ الشيء وبالشيء: علِمَه وشعَر به وأدركه

[الحس = الشعور = الإدراك]
فهذه مترادفات في المستوى اللغوي.

يقال: حَسّ وأَحَسّ به خبرا: أي رأى: [علِم وأيقن]. تَحَسَّسَ، تَسَمَّعَ، تَبَصَّرَ الخبر: سعى في إدراكه – تحسس الشيء: تعرّفَه طلبه بالحاسة – الحس: مصدر الحركة والصوت الخفي: ما سمعت له حسا، أي حركة أو صوتا خفيا: أي الإدراك، يمر بك أحد قريبا تسمعه ولا تراه.
الحسي: ضد العقلي، المذهب الحسي: هو الزعم بأن ملكات العقل كلها تتولد من الإحساس.
استنتاج: - لا تعريف بالإحساس، لعدم وجود ما هو أبسط منه، ليُرد إليه.
- يطلق الإحساس على وظائف نفسية وعقلية (أيقن الخبر).
- الحس لغة[الحس = الحركة] – [ الحسي × العقلي] – [الحاسة = القوى النفسية المدركة] + [معاني تقنية وأخلاقية للحس].
تمارين
1- الاشتقاق: - الإحساس: اليقين(حس أو أحس الخبر أيقن به).
- الإحساس: إدراك (أحس الشيء أو أحس بالشيء أدركه).
- الإحساس: الشعور(حس وأحس الشيء وبالشيء شعر به
- الإحساس: العلم(حس وأحس الشيء وبالشيء علم به).
- الإحساس: المعرفة(حس وأحس الشيء وبالشيء عرفه).

2- محاولة التعريف اللغوي:
- الإحساس هو الاستجابة العضوية لمؤثر خارجي أو داخلي.
- الإحساس حركة عضوية آلية استجابة لمؤثر.
- الإحساس فعل من أفعال الحواس الخمس.
- الإحساس هو حدوث فعل الحاسة مثل السمع والبصر.
- الإحساس هو تفاعل بين عضو الحس والشيء المحسوس.
- الإحساس شعور بالشيء بعد عند التعامل معه حسيا.
- الإحساس هو العلم بالشيء، بعد التعامل معه عن طريق الحس.
- الإحساس هو معرفة الشيء عن طريق إدراكه حسيا.

2أ- محاولة التعريف في ميادين مختلفة:
- في ميدان اللغة: الحس هو الحركة ( ما تسمعه مما يمر قريبا منك دون أن تراه).
- في ميدان الفلسفة: الحس هو إدراك بإحدى الحواس).

- في ميدان الفلسفة الإسلامية: الحس المشترك –عند فلاسفة الإسلام – وهي الحواس الخمس الباطنية: (الحس المشترك – الخيال – الوهم – الحافظة – المتصرفة )، (هذه الحواس الباطنية، تقبل الصورة الواردة إليها من الحواس الظاهرة، فتجمعها وتحفظها وتتصرف فيها ).
- في ميدان الفلسفة الحديثة: الحس هو الإدراك الحدسي المباشر، مثل الإدراك بالحواس الظاهرة أو بالشعور النفسي
- في ميدان الفلسفة أيضا: الحس هو الحكم أو الرأي (الحس السليم)، وهو القوة التي نميز بها بين الحق والباطل، أو نقدر بها الشيء تقديرا عادلا.
- في ميدان الأخلاق: (الحس الخلقي: الضمير)، هو القوة التي تدرك الخير والشر إدراكا حدسيا مباشرا، وهو الضمير أو الوجدان الخلقي، وهو قادر على التمييز والتقويم.

التطبيق الثاني: مستوى الصور

ا- كلمات: الحس: معرفة – رد فعل – إدراك – شعور – علم – استجابة – خيال – تفاعل _ حيوية _ تكيف
يختار التلميذ صورتين من هذه الصور؛ هما أحسن تعبير في نظره عن مفهوم الإحساس، ثم يبرر أسباب اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه ومع من يستطيع التحاور معه، قدر الإمكان، من أجل رسوخ الفهم.
في هذا المستوى، يقع التعامل مع ( كلمات _ تعار يف )، مثلا: الحس = معرفة، وتبرير ذلك – السراب = صورة خام.
ومعطى أولي قابل للتأويل.
كذلك، يقع التعامل في هذا المستوى مع (كلمات _ إشكاليات)، وفيها يختار التلميذ أيضا كلمتين، هما الأحسن طرحا في نظره لإشكالية الإحساس، ويقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، من أجل تعميق الفهم لإشكالية الإحساس، فمثلا يمكن القيام بالأشكلة على النحو التالي:
الحس: إدراك مباشر ( تغييب العقل كل الناس علماء وفلاسفة اختلاط العلم بالجهل).
العلم عفوي تعطيل العلم والفلسفة × الحس إدراك أولي بسيط البحث عما وراء الإشارة الحسية العامة تحليل الإشارة الحسية الفصل بين الموضوعي والذاتي في الإحساس الإدراك العقلي للعناصر الموضوعية من المحسوس للحس دور في المعرفة التجاوز، أي الأشكلة الأشمل والأعمق: إيجاد المنهج والوسائل المناسبة لتضافر الجهود الحسية والعقلية، من أجل معرفة أرقى وأفضل.

ب – التعامل مع ( الجمل _ التعريفات): بعد أن تم التعامل مع الكلمات، التعريف والأشكلة، ننتقل بمستوى التدرب إلى التعامل مع الجمل التعريفات، ويمكن للدارس أن يعود إلى ما سبق ليختار جملتين على الأقل، هما في نظره أحسن تعريف للإحساس، ثم يقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، حتى يتعمق الفهم لموضوع الإحساس، ويقترب المتدرب شيئا في شيئا من امتلاك كفاءة التفلسف، التي هي في هذا المستوى من الدراسة، مستوى التعليم الثانوي، هي ذاته كفاءة تحرير المقالة وتحليل النص الفلسفيين.
يقدر الخبراء أن انتهاء هذه المرحلة اللغوية أساسا، يصحبها إدراك للتلميذ وجود اختلافات في وجهات النظر، ويقف على التناقض الواضح بينها، خاصة منها المشهورة بخلافاتها الحادة، مثل العقليين والحسيين، وينتج عن هذا الإدراك شك التلميذ في موقفه الشخصي من الموضوع، وهنا يصبح مهيئا لدخول مرحلة التفلسف، حيث إنه أي التفلسف، لا يحدث إلا عندما يتطرق الشك إلى ذهن من يقوم بالتفكير، وعندئذ يبدأ في طرح الأسئلة أو التساؤلات، وذلك هو لب التفلسف، أي الأشكلة أو طرح الإشكاليات التي موضوع الأسئلة أو التساؤلات الفلسفية، وما دام الشك قد حصل وهو شرط التفلسف، فلندخل مرحلة التفلسف، التي هي ما يسمى مرحلة الصراع المعرفي الاجتماعي.

التطبيق الثالث: مستوى الصراع المعرفي الاجتماعي

- يستحسن أن ينظم هذا الصراع أثناء الدراسة في القسم، لكن إذا تعذر ذلك، فعلى الدارسين أن ينظموه في جماعات صغيرة بينهم، ليمارسوا بذلك التدرب على عملية التفلسف، التي يتعين عليهم الوصول فيها إلى مرتبة الكفاءة والإتقان، وتعتبر مرحلة الصراع الاجتماعي هذه، هي مرحلة ممارسة التفلسف بالفعل، حيث تشتمل خاصة على:
- تنظيم الصراع المعرفي الاجتماعي.
- ممارسة الحوار الذاتي الصامت.
- البرهنة على التصورات المتناقضة.
- التموقع في مستوى عقلي.
- معالجة النصوص المتناقضة أو المختلفة بالتحليل، لإبراز التناقض أو طبيعة الاختلاف القائم بينها.
- الهدف هو بلوغ مرتبة التفكير المستقل لدى الدارس.

2- الإدراك


التطبيق الأول: المستوى اللغوي

التعريف المعجمي: أدرك الشيء: بلغ وقته/نضج الولد: بلغ – المسألة:علمها – الشيء ببصره:رآه/ الإدراك (مصدر):القوة المدركة- الدّرّاك: المُدرِكُ لما يرغب فيه –رجل مُدرِكة: شديد الإدراك المدركات والمدارك: الحواس الخمسة- مدارك الشرع: مواضع طلب الحكام، وهي حيث يُستدل بالنصوص- أدرك بثأره: أخذه- الدَرْك والدَرَك: إدراك الحاجة- رجال الدّرْك: قوة عسكرية لحفظ الأمن العام، ومفردها درَكي أو درْكي.

تمارين

1- يحاول التلميذ هنا بناء تعاريف لغوية للإدراك (ارجع إلى الإحساس وافعل على غرار ذلك)
- حاول ذكر تعريفات للإدراك لدى فلاسفة من البرنامج المقرر (راجع الكتاب المدرسي أو أي مرجع مناسب).
- ضع تعريفات للإدراك في ميادين مختلفة(مثل الإدراك الحسي- الإدراك العقلي- إلخ...).

2- (كلمات – تعريفات):
- من بين عشرة كلمات: إحساس- شعور – تذكر – تخيل – حلم- تنفس- تعود – إرادة – علم – معرفة، اختر كلمتين إحداهما مطابقة – في نظرك – للإدراك، والأخرى معاكسة له. بين أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا، في حوار ذاتي مع نفسك، ثم في حوار علني مع زملائك وغيرهم، ممن تتمكن من الحوار معهم.

3- (كلمات – إشكاليات):
- اختر عشرة كلمات، وعين من بينها كلمتين، معبرتين - في نظرك- أفضل تعبير عن إشكالية الإدراك, وضح أسباب تعيينك للكلمتين كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني مع زملائك ومع غيرهم قدر الإمكان.


التطبيق الثاني: مستوى الصور
4- من بين صور عشرة آتية، معبرة بغموض عن مفهوم الإدراك، اختر اختر واحدة منها، هي – في نظرك- معبرة أفضل تعبير عن مفهوم الإدراك، وأخرى منافية له. برر أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا، في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني بينك وبين زملائك وغيرهم، قدر الإمكان.

الصور: المطر نازل – الشمس طالعة - الامتحان جار – الثمر ناضج – السماء صافية – لا إله إلا الله - محمد رسول الله – الشيطان موسوس – الكتاب مفيد.

5- (جمل _ تعريفات): فيما يأتي (جمل – تعريفات) للإدراك، اختر اثنتين منها، واحدة هي – في نظرك – معبرة أفضل تعبير عن مفهوم الإدراك، وأخرى منافية له. برر أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي، ثم في حوار علني مع زملائك، ومع كل من يمكنك التحاور معه.
الجمل – التعريفات: الإدراك حسي- الإدراك حسي عقلي – الإدراك وجود – الإدراك عدم – الإدراك خيال – الإدراك وهم – الإدراك حقيقة – الإدراك نفسي – الإدراك وعي بالمحسوسات – الإدراك تفسير للصور الحسية.

التطبيق الثالث: الصراع المعرفي الاجتماعي
6- في مطلع هذه المرحلة، يقوم الدارس بالتعريف الدقيق الممكن للإحساس, أو أي موضوع يكون بصدد دراسته, وذلك بالانتقال من التعريف الرأي إلى ضبط التصور, بكل دقة ممكنة, ويستحسن أن يوضع هذا العمل في جدول، مبين للخطوات المطلوبة بوضوح, وذلك كالاتي:


إعادة تعريف المفهوم أو بناء التصور إشكالا يتعين حله إعادة التساؤل أو الأشكلة غموض التعريف - الرأي
الحس معرفة أولية بسيطة التعطيل الكلي للعلم والفلسفة تغييب العقل تماما في عملية المعرفة 1



الإحساس هو المعرفة





التجاوز: المطلوب هو تضافر كل الجهود الحسية والعقلية من أجل ترقية مستمرة للمعرفة كيف يمكن التقليل من الجهل لا فرق بين الإنسان والحيوان 2
الإحساس هو المعرفة

7- هنا تبدأ مرحلة التفلسف الحقيقية، بعد أن يكون التلميذ قد شك في موقفه، بفعل التعامل مع نظريات وتعريفات متناقضة، والتفلسف إنما يبدأ عندما يخيم الشك، وتطرح التساؤلات، وتتزعزع الوثوقية، في هذه المرحلة على التلميذ أن يتخذ مواقف من الموضوع المطروح، الإدراك الآن، ويبهرن عليها، كما يبطل بالبرهنة نقائضها، يفعل ذلك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسه، ثم مع زملائه ومع كل من يمكنه التحاور معه. وليتناول مثلا المواقف الآتية، يتبناها، ثم يجري على كل منها الخطوات المذكورة، قصد التدرب والتمرن، والسير نحو اكتساب كفاءة التفلسف، أي كفاءة تحرير المقالات وتحليل النصوص:

- الإدراك للمحسوسات فقط (الدليل)
- الإدراك للمعقولات فقط (الدليل)
_ التجاوز- وهو الموقف الداعي إلى التضافر وليس الصراع، فمثلا هنا يتعين تضافر جهود كل المواقف الحسية والعقلية وغيرها، من أجل بلوغ معرفة أفضل، وترقية المعرفة العلمية الموضوعية بوظيفة الإدراك.

النصان:
1- الإدراك والإحساس
الإدراك أدراك شيء ما. ولا نخشى أن نبتدئ بهذه البداهة، إنها تحدد لنا بكل دقة موضوع بحثنا، وهو دراسة الوظيفة التي من خاصيتها، أن تمكننا من بلوغ أشياء في المكان، عن طريق انطباعات حسية، حالات خاصة بشخصنا، والتي هي بهذا الصدد، ذاتية ولا مكانية.
هي تحدده، بفصله- منذ الوهلة الأولى- عن موضوع آخر للدراسة، ومتميز عنه، وهو الانطباع الحسي، الذي نتعرف عليه، عن طريق إثارة عوامل خاصة، في النهايات العصبية المتخصصة في استقبال هذه الإثارة، والتي يمكن أن تكون أعضاء حسية، أو قابلة (للإثارة) فقط، بالمعنى العام، الذي يعطيه الفيزيولوجيون لهذه الكلمة، عندما يقابلون بين الأعضاء الحسية، والأعصاب المحركة.
إن الانطباع الحسي يحدد حينئذ – بلا ريب- حالة شبيهة بالإدراك، لكنه يزيد عنها، أو من وجهة نظر أخرى، إن الإدراك يتجاوزه.
إنه يتجاوز الإدراك، من حيث أنه إلى جانب انطباعات الحواس، التي كان ينبغي أن تقتصر عليها كلمة إحساسات، والتي يتوقف عليها وحدها الإدراك. فالانطباعات الحسية، تنقل حالات محيطية، من اللذة والألم، التي لها – من غير شك- شروطها العصبية المحيطية، لكن ليس لها أعضاء حسية بمعنى الكلمة. ولا تنقل لنا هي ذاتها أي شيء، وليست محدد بدقة على مستوى الجسم، وفوق ذلك هي حالات، يقال عنها باطنية، والتي من حيث ذاتيتها، وعدم قابليتها للتحديد بدقة، تعتبر أكثر ظهورا. ولا يمكننا أن نتحدث دون أن نتوسع في استخدام هذه الكلمة، بطريقة غير لائقة، وهي أن اللذة تجعلنا ندرك المادة الغذائية التي أحدثتها (أي أحدثت هذه اللذة)، والألم يجعلنا ندرك حد السكين الذي يجرحنا، وآلام المعدة تجعلنا ندرك المعدة.
فهذه الأحوال – على ما يبدو- ليست مثل الإحساسات الحقة، التي هي إدراك، ولكننا نقول – من جهة أخرى- إنه حتى في مثل هذه الصورة من الإحساس، التي يساهم الانطباع الحسي في الإدراك، إنها تنقل لنا أبسط من هذا الأخير (الإدراك)، لأن الإدراك أكثر من انطباع الحواس، إنه تمثيل بواسطة الإنطباع، لشيء خارجي متحيز، في المكان، وهكذا فالإدراك يزيد عن الإحساس.


موريس برادين
Maurice Pradines

___________________________________________________________________________________

2- الإحساس والإدراك
<<ولما كانت الأفكار التي أتلقاها عن طريق الحواس أشد حياة، وأقوى تعبيرا، وفي بابها أميز من الأفعال القادرة نفسي على خلقها بالتأمل، أو من الأفكار الموجودة مطبوعة في ذاكرتي، فقد بدا لي أنها لا تصدر عن نفسي. لهذا لابد أن تكون أشياء أخرى قد أحدثتها لي. ولما كنت لا أملك من معرفتي لهذه الأشياء إلا ما منحتني إياها هذه الأفكار عينها، فمن غير المستطاع أن يخطر ببالي سوى أن هذه الأشياء تشبه الأفكار التي تحدثها.
ولما تذكرت أيضا، أني استعملت الحواس، قبل أن أستعمل العقل، وأن أفكاري عن نفسي، ليست واضحة، كأنني تلقيتها بطريقة الحواس، بل تتركب أغلب الأحيان من أجزاء هذه، فقد هان الاعتقاد أن كل أفكاري سلكت من قبل طريق حواسي[...].
ولكن اختبارات كثيرة قوضت شيئا فشيئا، كل ما لدي من ثقة بالحواس. فقد لاحظت مرات عديدة أن الأبراج التي كانت تلوح لي مستديرة عن بعد، تلوح لي مربعة عن قرب، وأن التماثيل الضخمة المقامة على قمم الأبراج، تبدو لي تماثيل صغيرة، إذا نظرت إليها من أسفل، كذلك فيما لا يحصى من المناسبات الأخرى، لقد وجدت خطأ ف الأحكام المبنية على الحواس الخارجية، بل وفي الأحكام المبنية على الحواس الداخلية. إذ هل ثمة ما هو أعمق في النفس من الألم وألصق بها؟ مع ذلك، فقد تعلمت سابقا، من بعض الأشخاص الذين بُترت أذرعهم وسيقانهم، أنه كان يلوح لهم أحيانا، أنهم يحسون بألم في الجزء المبتور من أجسامهم، مما حداني على التفكير أني لآ أستطيع أيضا الثقة بوجود أذى حقيقيا في أعضاء جسيمي، وإن أحسست في هذا العضو بألم
روني ديكارت
ٌRené Descartes











المشكلة الثانية: في اللغة والفكر

Langage et Intellect

1- اللغة
التطبيق الأول: المستوى اللغوي

ا- (المعجم اللغوي – القاموس)

- اشتقاق وتعريفات معجمية:
اللغا: مصدر الصوت- اللغة: تُجمع على لُغًا ولغات ولُغون: وهي الكلام المصطلح عليه بين كل قوم. النسبة إلى اللغة: لغوي – علم اللغة: هو أوضاع المفردات – كتب اللغة: هي المعجمات، أي ما يعرّفونه بالقواميس. أهل اللغة: هم العاملون بها.(ارجع إلى المعجم اللغوي).
- حاول وضع تعريفات لغوية للغة.
- استحضر تعريفات الفلاسفة المقررين في البرنامج (ارجع إلى الكتاب المدرسي).

ب- (المعجم الفلسفي – معجم صليبا)
- اللغة مجموعة من الأصوات المفيدة، ما يعبر به كل قوم عن أغراضهم.
- عند علماء النفس، معنى اللغة أوسع: يطلقونه على مجموع الإشارات، التي يعبر بها عن الفكر. لهذا انقسمت اللغة من جهة ماهي وظيفة نفسية إلى ثلاثة أقسام: اللغة الطبيعية، اللغة الوضعية، لغة الكلام.

تمارين
1- قم بتعريف اللغة في عدة ميادين، مثلا: الميدان الطبيعي، الميدان الفني، الميدان العلمي.



2- كلمات _ تعريفات): فيما يأتي كلمات معبرة عن مفهوم اللغة أو عن عكسه، اختر منها كلمتين، إحداهم معبرة في نظرك أفضل تعبير عن مفهوم اللغة، والأخرى مفيدة لعكسه، أو منافية له.
- إشرح أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسكن ثم في حوار علني مع من تستطيع من زملائك وغيرهم، وحبذا لو يتم هذا الحوار في القسم.

الكلمات: الإشارة – الصوت – اللسان – اللغو – الضجيج – البرق – الكلام – التعبير – البكم – الهديل.

3- (جمل – تعريفات): فيما يأتي جمل معبرة عن مفهوم اللغة أو عن عكسه، اختر جملة معبرة – في نظرك – أفضل تعبير عن مفهوم اللغة, وجملة أخرى معاكسة للمفهوم. وضح أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسك، ثم مع زملائك, وكل من تستطيع التحاور معه.

الجمل: أزيز الطائرة – صياح الديك – خطبة الإمام – خرير الماء – درس الفلسفة – لمعان البرق – دوي الانفجار- نشرة الأخبار – بكاء الرضيع – هديل الحمام.
استنتاج:


2 محاولة التعريف اللغوي:

2أ- محاولة التعريف في ميادين مختلفة:

- في ميدان اللغة:
- في ميدان الفلسفة:
- في ميدان الفلسفة الإسلامية:
- في ميدان الفلسفة الحديثة:

التطبيق الثاني: مستوى الصور

4- (كلمات – تعريفات): فيما يأتي كلمات معبرة عن مفهوم اللغة أو عن عكسه، اختر منها كلمتين، إحداهما معبرة - في نظرك- أفضل تعبير عن مفهوم اللغة، والأخرى مفيدة لعكسه، أو منافية له.
- إشرح أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسك ثم في حوار علني مع من تستطيع من زملائك وغيرهم، من أجل رسوخ الفهم، وحبذا لو يتم هذا الحوار في القسم.

الكلمات: الإشارة – الصوت – اللسان – اللغو – الضجيج – البرق – الكلام – التعبير – البكم – الهديل.

5- (جمل – تعريفات): فيما يأتي جمل معبرة عن مفهوم اللغة أو عن عكسه، اختر جملة معبرة – في نظرك – أفضل تعبير عن مفهوم اللغة, وجملة أخرى معاكسة للمفهوم. وضح أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسك، ثم مع زملائك, وكل من تستطيع التحاور معه.
اللغة إشارات – اللغة إشارات صوتية – اللغة كلام- اللغة حركات جسمية – اللغة هي اللسان – اللغة مجموعة أصوات – رقصة النحل لغة – اللغة قدرة طبيعية – اللغة أصوات ذات معنى.
- اختر جملة معبرة - في نظرك- عن مفهوم اللغة, وأخرى معاكسة له، بين أسباب اختيارك كتابيا ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسك، ثم في حوار علني مع زملائك، وغيرهم ممن يمكنك إقامة الحوار معهم.

في هذا المستوى، يقع التعامل مع ( كلمات _ تعريفات )، مثلا: اللغة = إشارات ، وتبرير ذلك – السراب = صورة خام.
ومعطى أولي قابل للتأويل.
كذلك، يقع التعامل في هذا المستوى مع (كلمات _ إشكاليات)، وفيها يختار التلميذ أيضا كلمتين، هما الأحسن طرحا - في نظره - لإشكالية اللغة، ويقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، من أجل تعميق الفهم لإشكالية اللغة، فمثلا يمكن القيام بالأشكلة على النحو التالي:
اللغة: تعبير طبيعي عفوي ( تغييب العقل كل الناس أدباء وشعراء غياب الموهبة والتعلم).
الأدب عفوي تعطيل الموهبة والاجتهاد ×اللغة تعبير إرادي اصطلاحي البحث عما وراء الإشارة الصوتية العامة تحليل الإشارة الصوتية الفصل بين المكتسب والفطري في اللغـــــة
التجاوز: تضافر الجهود من أجل بلوغ مرتبة أرقى في معرفة اللغة, وبالتالي ترقية التعبير بكل أشكاله، مما يؤدي إلى معرفة أرقى في شتى المجالات, وبتعبير أكثر جمالية في ميدان الأدب والشعر، وفي مجال التواصل والتفاهم.

ب – التعامل مع ( الجمل _ التعريفات): بعد أن تم التعامل مع الكلمات، التعريف والأشكلة، ننتقل بمستوى التدرب إلى التعامل مع الجمل التعريفات، ويمكن للدارس أن يعود إلى ما سبق ليختار جملتين على الأقل، هما في نظره أحسن تعريف للغة، ثم يقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، حتى يتعمق الفهم لموضوع اللغة، ويقترب المتدرب شيئا فشيئا من امتلاك كفاءة التفلسف، التي هي في هذا المستوى من الدراسة، مستوى التعليم الثانوي، هي ذاتها كفاءة تحرير المقالة وتحليل النص الفلسفيين.
يقدر الخبراء أن انتهاء هذه المرحلة اللغوية أساسا، يصحبها إدراك للتلميذ وجود اختلافات في وجهات النظر، ويقف على التناقض الواضح بينها، خاصة منها المشهورة بخلافاتها الحادة، مثل العقليين والحسيين، وينتج عن هذا الإدراك شك التلميذ في موقفه الشخصي من الموضوع، وهنا يصبح مهيئا لدخول مرحلة التفلسف، حيث إنه أي التفلسف، لا يحدث إلا عندما يتطرق الشك إلى ذهن من يقوم بالتفكير، وعندئذ يبدأ في طرح الأسئلة أو التساؤلات، وذلك هو لب التفلسف، أي الأشكلة أو طرح الإشكاليات التي موضوع الأسئلة أو التساؤلات الفلسفية، وما دام الشك قد حصل وهو شرط التفلسف، فلندخل مرحلة التفلسف، التي هي ما يسمى مرحلة الصراع المعرفي الاجتماعي.

التطبيق الثالث: مستوى الصراع المعرفي الاجتماعي

6- في مطلع هذه المرحلة، يقوم الدارس بالتعريف الدقيق الممكن للغة, أو أي موضوع يكون بصدد دراسته, وذلك بالانتقال من التعريف الرأي إلى ضبط التصور, بكل دقة ممكنة, ويستحسن أن يوضع هذا العمل في جدول، مبين للخطوات المطلوبة بوضوح, وذلك كالاتي:


إعادة تعريف المفهوم أو بناء التصور إشكالا يتعين حله إعادة التساؤل أو الأشكلة غموض التعريف - الرأي
اللغة إشارات صوتية اصطلاحية متفق عليها بين جماعة من الناس ومكتسبة المساواة بين الحيوان والإنسان نفي العلم والتعلم 1


اللغة قدرة غريزية





التجاوز: المطلوب هو تضافر كل الجهود من أجل ترقية مستمرة للمعرفة، دون التوقف عند الجدل العقيم في كون اللغة فطرية أو مكتسبة هل اللغة فطرية أم مكتسبة؟ سيادة الجهل 2
" " "

7- هنا تبدأ مرحلة التفلسف الحقيقية، بعد أن يكون التلميذ قد شك في موقفه، بفعل التعامل مع نظريات وتعريفات متناقضة، والتفلسف إنما يبدأ عندما يخيم الشك، وتطرح التساؤلات، وتتزعزع الوثوقية، في هذه المرحلة على التلميذ أن يتخذ مواقف من الموضوع المطروح، الإدراك الآن، ويبهرن عليها، كما يبطل بالبرهنة نقائضها، يفعل ذلك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسه، ثم مع زملائه ومع كل من يمكنه التحاور معه. وليتناول مثلا المواقف الآتية، يتبناها، ثم يجري على كل منها الخطوات المذكورة، قصد التدرب والتمرن، والسير نحو اكتساب كفاءة التفلسف، أي كفاءة تحرير المقالات وتحليل النصوص:

- يستحسن أن ينظم هذا الصراع أثناء الدراسة في القسم، لكن إذا تعذر ذلك، فعلى الدارسين أن ينظموه بينهم في جماعات صغيرة، ليمارسوا بذلك التدرب على عملية التفلسف، التي يتعين عليهم الوصول فيها إلى مرتبة الكفاءة والإتقان، وتعتبر مرحلة الصراع الاجتماعي هذه، هي مرحلة ممارسة التفلسف بالفعل، حيث تشتمل خاصة على:

- تنظيم الصراع المعرفي الاجتماعي.
- اتخاذ موقف من الموضوع المفكر فيه وتحليله والبرهنة عليه(اللغة هنا)
- ممارسة الحوار الذاتي الصامت.
- البرهنة على التصورات المتناقضة.
- التموقع في مستوى عقلي.
- معالجة النصوص المتناقضة أو المختلفة بالتحليل، لإبراز التناقض أو طبيعة الاختلاف القائم بينها.
- الهدف هو بلوغ مرتبة التفكير المستقل لدى الدارس.

2- الفكر

التطبيق الأول: المستوى اللغوي

ا- (المعجم اللغوي – القاموس)

- اشتقاق وتعريفات معجمية:

فكّر – فَكَرَ – فِكْرًا – وفَكْرًا – وفكّر وأفْكر وتفكّر في الأمر : أعمل الخاطر فيه وتأمله – الجمع: فِكَر وأفكار: تردد الخاطر بالتأمل والتدبر، بطلب المعاني – ما يخطر بالقلب من العاني. يُقال: لي في الأمر فكرة أو فكر أي حاجة – الفكرة والفِكرى والجمع: أفكار فِكَر: إعمال الخاطر في الأمر- الفِكيِّرُ والفيْكَر: الكثير التفكر.

ب- (المعجم الفلسفي – معجم صليبا)
الفكر: هو إعمال العقل في الأشياء للوصول إلى معرفتها، وهو مرادف للنظر العقلي، والتأمل، ومقابل للحدس. والفكر انتقال وحركة من المبادئ إلى المطالب أو العكس، وهو يقابل الحدس، بمعنى يناقضه، لأن الحدس لا يتضمن الحركة، وإنما هو انتقال مباشر دفعة واحدة، ودون حركة تدريجية, من المبادئ إلى المطالب. أما الفكر فهو حركة وانتقال خطوة خطوة؛ ويشترط فيه القصد، لأن حركة النفس في المعقولات بلا اختيار كما في المنام، لا تسمى فكرا. حركة النفس في المعقولات تبدأ من المطلوب المتصور، ثم مبادئه الموصلة إليه، تجدها وترتبها، فترجع منها إلى المطلوب، وهنا حركتان: 1- من المطالب إلى المبادئ 2- من المبادئ إلى المطالب، ويقصى من هذا الحدس، لأنه انتقال مباشر، دفعة واحدة، دون حركة من المبادئ إلى المطالب. هذه المعاني للفكر، تستبعد الانفعالات والعواطف والغرائز والإرادة من مفهوم الفكر، غير أن بعض الفلاسفة مثل ديكارت، يطلقون الفكر على جميع ظواهر النفس، بما فيها الإحساس والتخيل والإرادة وغيرها. أما الفلاسفة المحدثون، فيطلقون الفكر على الأفعال العقلية دون غيرها. والخلاصة هي أن الفكر هو حركة النفس والفعل الذي تقوم به النفس في المعقولات، عند حكتها في المعقولات، أو هو المعقولات نفسها. وفعل النفس هو حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، أما المعقولات فهي الموضوعات التي تفكر فيها النفس، وهي مرادفة للأفكار، مثل الفكر السياسي والفكر الاجتماعي إلخ... والفكري هو المنسوب إلى الفكر، مثل الحياة الفكرية والعمل الفكري.


تمارين

1- (كلمات – تعريفات): محاولة التلميذ وضع تعريفات لغوية للفكر
وها هي كلمات عدة, اختر منها اثنتين، واحدة هي – في نظرك- أفضل تعبير عن مفهوم الفكر، والثانية على العكس من ذلك معاكسة له. برر أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي مع نفسك، ثم في حوار علني مع زملائك، ومع كل من تستطيع التحاور معه، من أجل تعميق فهم معنى الفكر.
الكلمات: التأمل – النظر- الشعور – التصور- التخيل- الحدس- التوهم الالتأمل – النظر- الشعور – التصور- التخيل- الحدس- التوهم الإحساس- العطف.
- استعرض هنا تعريفات فلاسفة من البرنامج(ارجع إلى كتابك ودفترك المدرسي, واضبط هذه التعريفات).

2- (كلمات – إشكاليات): محاولة طرح إشكالية الفكر، من خلال أشكلة كلمات مثل هذه السابقة، فمثلا:
الفكر = حدس، لكن الحدس لا يشمل حركة النفس في المعقولات، فهو ليس فكرا ولا تفكيرا، إذن يتعين البحث عن معنى للفكر، يتضمن حركة النفس. وعندئذ نكون قد هيأنا لطرح السؤال، أو التساؤل، أو الأشكلة، فنقولك ما هو الفكر؟

التطبيق الثاني: مستوى الصور
هذه عدة صور، معبرة بغموض عن مفهوم الفكر، اختر منها أفضل صورة معبرة – في نظرك- عن مفهوم الفكر, وأخرى معاكسة له. برر أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي، ثم في حوار علني مع زملائك، ومع كل من تستطيع التحاور معه. وذلك من أجل تعميق فهم معنى الفكر.
الصور: هواجس النفس – عوائق الفهم – متاهات التأمل – الانتباه المركز – البحث العقلي – أوهام العقل – شطحات الفكر – الحصان الطائر – بساط الريح – الأشباح.
3- (جمل – تعريفات): قم باختيار جملة مما يأتي، معبرة – في نظرك – أفضل تعبير عن مفهوم الفكر، وجملة أخرى معاكسة له، ثم وضح أسباب اختيارك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي، ثم في حوار علني مع زملائك، ومع كل من تستطيع التحاور معه، وذلك من أجل تعميق فهم مدلول الفكر.
الجمل: الفكر هو وظيفة العقل- الفكر ثمرة العقل – الفكر وظيفة النفس العقلية – الفكر نظر في الأشياء والمعاني – الفكر معرفة – الفكر بناء للتصورات – الفكر تحليل وتركيب.

التطبيق الثالث: مستوى الصراع المعرفي الاجتماعي

- في مطلع هذه المرحلة، يقوم الدارس بالتعريف الدقيق الممكن للموضوع محل الدراسة، الذي هو هنا الفكر، وذلك بالانتقال من التعريف الرأي المرفوض منطقيا، إلى ضبط التصور، بكل دقة ممكنة، ويستحسن أن يوضع هذا العمل في جدول، مبين للخطوات المطلوبة بوضوح, وذلك كالاتي:


إعادة تعريف المفهوم أو بناء التصور إشكالا يتعين حله إعادة التساؤل أو الأشكلة غموض التعريف - الرأي
الفكر حركة للنفس في المعقولات من المبادئ إلى المطالب أو العكس تعطيل التفكير الحدس منافي للتفكير لكونه لا يشتل على الحركة 1


الفكر حدس




التجاوز: المطلوب هو تضافر كل الجهود من أجل ترقية مستمرة للمعرفة، دون التوقف عند الجدل العقيم في كون الفكر حركة للنفس أو سكون هل التفكير إشراق أو حركة تدريجية للنفس؟ سيادة الجهل 2
" " "

- هنا تبدأ مرحلة التفلسف الحقيقية، بعد أن يكون التلميذ قد شك في موقفه، بفعل التعامل مع نظريات وتعريفات متناقضة، والتفلسف إنما يبدأ عندما يخيم الشك، وتطرح التساؤلات، وتتزعزع الوثوقية، في هذه المرحلة على التلميذ أن يتخذ مواقف من الموضوع المطروح، الإدراك الآن، ويبهرن عليها، كما يبطل بالبرهنة نقائضها، يفعل ذلك كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي مع نفسه، ثم مع زملائه ومع كل من يمكنه التحاور معه. وليتناول مثلا المواقف الآتية، يتبناها، ثم يجري على كل منها الخطوات المذكورة، قصد التدرب والتمرن، والسير نحو اكتساب كفاءة التفلسف، أي كفاءة تحرير المقالات وتحليل النصوص:

- يستحسن أن ينظم هذا الصراع أثناء الدراسة في القسم، لكن إذا تعذر ذلك، فعلى الدارسين أن ينظموه بينهم في جماعات صغيرة، ليمارسوا بذلك التدرب على عملية التفلسف، التي يتعين عليهم الوصول فيها إلى مرتبة الكفاءة والإتقان، وتعتبر مرحلة الصراع الاجتماعي هذه، هي مرحلة ممارسة التفلسف بالفعل، حيث تشتمل خاصة على:

- تنظيم الصراع المعرفي الاجتماعي.
- اتخاذ موقف من الموضوع المفكر فيه وتحليله والبرهنة عليه(الفكر هنا)
- ممارسة الحوار الذاتي الصامت.
- البرهنة على التصورات المتناقضة.
- التموقع في مستوى عقلي.
- معالجة النصوص المتناقضة أو المختلفة بالتحليل، لإبراز التناقض أو طبيعة الاختلاف القائم بينها.
- الهدف هو بلوغ مرتبة التفكير المستقل لدى الدارس.

النصان:

1- علاقة الدال بالدلول

إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكُّمية، أو بما أننا نعني بالإشارة الجملة الناجمة من ارتباط الدال بالمدلول، فإننا نستطيع أن نقول بصورة أبسط: إن الإشارة اللغوية تحكمية.
ففكرة الأخت، لا تربطها أي صلة باطنية بسلسلة الأصوات أ، خ، ت التي تدل عليها، إذن يمكن أن تمثلها أي سلسلة أخرى، يدل على ذلك الاختلافات الموجودة بين اللغات، ووجود لغات مختلفة نفسه(...).
لقد استعملت كلمة (رمز) للدلالة على الإشارة اللغوية، وبالضبط على ما نسميه الدال.وفي قول ذلك مساوئ، لاسيما مبدؤنا الأول إذ من خاصية الرمز ألا يكون تحكميا أبدا. فهو ليس خايا، بل فيه شيء من الرابطة الطبيعية، بين الدال والمدلول. فرمز العدل، الذي هو الميزان، لا يمكن أن يستبدل به شيء آخر، كالعربة مثلا.
إن كلمة (تحكُّمي)، ستدعي أيضا ملاحظة، فلا ينبغي أن نفهم منها أن الدال تابع لحرية اختيار المتكلم، إذ سنرى – فيما بعد – أن ليس بإمكان الفرد أن يغير الإشارة، بعد استقرارها في جماعة لغوية، بل إننا نقصد أنها (غير مبررة)، أي أنها تحكُّمية، بالنسبة إلى المدلول، الذي ليس لها معه أي رباط طبيعي في الواقع.
ولنُشِر – في الأخير – إلى اعتراضين، يمكن إيرادهما على المبدأ الأول:
1- فقد يُستنَد إلى( محاكاة أصوات الطيعة)، لكي يُقال إن اختيار الدال ليس دائما تحكميان، إلا أنها ليست أبدا عناصر عضوية في نظام لغوي، ثم إن عددها أقل بكثير مما يُظن.
2- وقد تؤدي( أصوات التعجب)، القريبة من محاكاة الطبيعة، إلى ملاحظات مماثلة، وهي ليستا أخطر على رأينا. فقد يميل بعض الناس إلى اعتبارها تعبيرات عفوية عن الواقع، أملتها الطبيعة. ولكن يمكن أن ننكر – بالنسبة إلى أغلبها – أن يكون الدَّالُّ والمدْلول رابطة ضرورية.إذ تكفي المقارنة بين لغتين- في هذا الصدد- لنعرف مدى اختلاف هذه التعبيرات، من إحداها إلى الأخرى، (مثلا: أي في الفرنسية، يقابله أو في الألمانية)

فيردناند دي سوسير

Ferdinand De Ssaussure




______________________________________________

2- اللغة والفكر

هناك سؤال – غالبا – ما يطرح نفسه: هل يمكن التفكير بدون كلام؟ أو ليس الكلام والفكر مظهرين لعملية نفسية واحدة؟ إن مما زاد في صعوبة حل المسألة، هو أنها موضع سوء تفاهم. وقبل كل شيء، ينبغي أن نلاحظ هذا الأمر: وهو أن الفكر سواء اقتضى الرمزية، أي اللغة، أو لم يقتضها، فإن جلة اللغة، ليست دائما دليلا على الفكر، فقد رأينا أن العنصر اللغوي النموذجي هو كونه علامة على معنى. لكننا في الحياة العامة لا نهتم بالمعاني بقدر ما نهتم بالحالات العينية، والعلاقات الجزئية. فأقول مثلا: " لقد تناولت غذاء جيدا هذه الصبيحة"، فمن الواضح أني لا اشعر بقلق العمل الذهني المجهد، وأني لا أعبر إلا عن ذكرى جميلة، ترجمتها رمزيا بواسطة عبارة جارية. إن كل عنصر في الجملة، يجسم معنى منفصلا، أو نسبة بين معاني، أو الاثنين معا، لكن الجملة - في حد ذاتها- لم تُترجم معنى وحيدا فقط. وذلك كما لو أن مُولِّدا قادرا على توفير الكهرباء بالمقدار الذي يكفي لتسيير مصعد، لم يُشَغَّل إلا لتزويد جرس باب الدخول. ولهذه المقارنة ن الدلالة أكثر مما يبدو لأول وهلة. إذ يمكن اعتبار اللغة ماكنة صالحة لجميع ضروب الاستعمالات النفسية، ولا يتتبَّعُ تيارها أخفى منعطفات الشعور فحسب، بل إنه يتتبعها على مستويات مختلفة، تمتد من المرحلة الذهنية، التي تسودها الصور الجزئية، إلى المرحلة التي تكون فيها المعاني المجردة ونسبة بعضها إلى بعض، هي وحدها موضوعات الانتباه المركَّز، أي إلى ما يُسمَّ – في العادة – الاستدلال. وبهذا تكون الصورة الخارجية من اللغة، هي الثابتة، أما معناها الباطني، وقيمتها النفسية، وشدتها، فإنها تختلف اختلافا حرا، حسب الانتباه أو حسب ميول الذهن، وكذلك حسب النمو العقلي العام.
فالفكر بالنسبة إلى اللغة، يمكن تعريفه بأنه المضمون المستتر، أو أعلى طاقة كامنة للكلام، أي المضمون الذي يمكن اكتشافه، بإعطاء كل عنصر من عناصر اللغة المنطوقة قيمته العليا كمعنى. وهذا يعني أن اللغة قد تكون مجرد وجه خارجي للفكر في أعلى مستويات التعبير الرمزي وأعمها، ولكي نعبر عن رأينا – بشكل آخر – فإنه يمكننا أن نقول: إن اللغة – قبل كل شيء – هي وظيفة خارجة عن نطاق العقل، إنها تعمل بكل تواضع على الارتفاع إلى مستوى الفكر المستتر في صورها، وفي تصنيفاتها، والذي يمكن - عند الحاجة- تمييزه عنها. فهي ليست كما يعتقد عامة الناس مسبقا، وبكل سذاجة، العلامة النهائية التي يزين بها الفكر الكامل.

إدوارد سبير
Edward Sapir



المشكلة الثالثة: في الشعور واللاشعور
Conscience et inconscient
1- الشعور
التطبيق الأول: المستوى اللغوي



ا- (المعجم اللغوي – القاموس)
- اشتقاق وتعريفات معجمية:

شَعَرَ وشعُر شِعرا وشَعرا وشَعرى وشُعرى وشِعرى وشُعورا وشُعورة ومَشعورا ومَشعورة ومَشعورا ومَشعوراء به: علِم وأحس به، وله:فطِن – أَشعره الأمر وبالأمر: أخبره به. وأَشعر أمر فلان: جعله معلوما مشهورا. الشِّعر: مصدر بمعنى العلم، يقال: ليت شعري فلانا أو عن فلان أو لفلان ما صنع، أي ليتني شعرت، أي علمت بما صنع. المشاعر: الحواس. رجل مشعور: مختل العقل.

ب- (المعجم الفلسفي – معجم صليبا)

- الشعور: إدراك من غير إثبات، فكأنه إدراك متزلزل. والشعور هو أول مرتبة في صول النفس إلى المعنى، وهو مرادف للإحساس، أي للإدراك بالحس الظاهر، وقد يكون أيضا بمعنى العلم، والمشاعر هي الحواس.
- الشعور عند علماء النفس هو إدراك المرء لذاته أو لأفعاله إدراكا مباشرا، وهو أساس كل معرفة.
- تعريف الشعور تقريبي، لأنه معطى نفسي أولي، لا يوجد ما هو أبسط منه حتى يرد إليه ويُعرَّف به.
- يوصف الشعور بأنه الشيء الذي نفقده رويدا رويدا عندما ننتقل من الصحو إلى النوم، ونسترجعه رويدا رويدا عندما ننتقل من النوم إلى الصحو.
- للشعور درجات، أهمها الشعور التلقائي والشعور التأملي.
- الشعور هو وعي بالذات
- يطلق الشعور على مجوع الأحوال النفسية، أو على مجموع الأحوال النفسية المشتركة، ويسمى حينئذ الشعور الجمعي.
- من خصائص الشعور الهوية والاتصال، الهوية هي إررجاع كثرة الأحوال النفسية إلى وحدة النفس المدركة، أما الاتصال فهو بقاء الأحوال الماضية في الأحوال الحاضرة.
- الشعور – إذن – وحدة في كثرة، وتغير في اتصال. أو هو إطار محيط بتيار الظواهر النفسية.
- الشعور هو معرفة للنفس لذاتها وبذاتها.
- الشعور هو الظاهرة الأولى للحياة العقلية.
- الشعور هو ما تتميز به الظواهر النفسية عن الظواهر الطبيعية.
استنتاج:

تمارين

1- محاولة التعريف اللغوي:
أ- وضع التلميذ تعريفات لغوية عديدة للشعور الجماعي – الشعور الذاتي إلخ...

1أ- محاولة التعريف في ميادين مختلفة:

- في ميدان اللغة:
- في ميدان الفلسفة:
- في ميدان الفلسفة الإسلامية:
- في ميدان الفلسفة الحديثة:

2- كلمات- تعريفات): اليقين – الشك – النوم – الخوف – الأمل – العلم – النظر – الحفظ – الكتابة – الذوق التأمل.
يختار التلميذ كلمتين من هذه الكلمات؛ واحدة معبرة أحسن تعبير في نظره عن مفهوم الشعور، والأخرى منافية له، ثم يبرر أسباب اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه ومع من يستطيع التحاور معه، قدر الإمكان، من أجل رسوخ الفهم.
في هذا المستوى، يقع التعامل مع ( كلمات _ تعار يف )،مثل هذه التي مرت بنا.

3- (كلمات- إشكاليات): كذلك، يقع التعامل في هذا المستوى مع (كلمات _ إشكاليات)، وفيها يختار التلميذ أيضا كلمتين، هما الأحسن طرحا في نظره لإشكالية الشعور، ويقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، من أجل تعميق الفهم لإشكالية الشعور(ارجع إلى الإحساس، وقم بالأشكلة على ذلك النحو).

التطبيق الثاني: مستوى الصور

4- ( الجمل _ التعريفات): التعامل مع (الجمل- التعريفات) بعد أن تم التعامل مع الكلمات، التعريف والأشكلة، ننتقل بمستوى التدرب إلى التعامل مع الجمل التعريفات، ويمكن للدارس أن يعود إلى ما سبق ليختار جملتين على الأقل، هما في نظره أحسن تعريف للشعور، ثم يقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، حتى يتعمق الفهم لموضوع الشعور، ويقترب المتدرب شيئا فشيئا من امتلاك كفاءة التفلسف، التي هي في هذا المستوى من الدراسة، مستوى التعليم الثانوي، هي ذاتها كفاءة تحرير المقالة وتحليل النص الفلسفيين.

5– هذه صور عدة، معبرة بغموض عن مفهوم الشعور، يختار الدارس صورة معبرة – في نظره – أفضل تعبير عن مفهوم الشعور، وصورة أخرى منافية له, ويقوم بتبرير اختياره كتابيا ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي بينه وبين نفسه، ثم في حوار علني مع زملائه ومع كل من يستطيع التحاور معه من أجل ترسيخ مفهوم الشعور لديه.
الصور: جندي في خضم المعركة- ممثل على خشبة المسرح- أستاذ يلقي الدرس- فلاح يمارس الحرث- سائق يقود سيارته- عالم يجرب في المخبر- نائم يحلم بالثراء- رياضي يعدو في سباق- سياسي يلقي خطابا- فيلسوف يتأمل إشكالية الشعور.
- يقدر الخبراء أن انتهاء هذه المرحلة اللغوية أساسا، يصبحها إدراك التلميذ وجود اختلافات في وجهات النظر، ويقف على التناقض الواضح بينها، خاصة منها المشهورة بخلافاتها الحادة، مثل النظريتين العقلية والحسية، وينتج عن هذا الإدراك شك التلميذ في موقفه الشخصي من الموضوع، وهنا يصبح مهيئا لدخول مرحلة التفلسف، حيث إنه أي التفلسف، لا يحدث إلا عندما يتطرق الشك إلى ذهن من يقوم بالتفكير، وعندئذ يبدأ في طرح الأسئلة أو التساؤلات، وذلك هو لب التفلسف، أي الأشكلة أو طرح الإشكاليات التي هي موضوع الأسئلة أو التساؤلات الفلسفية، وما دام الشك قد حصل وهو شرط التفلسف، فلندخل مرحلة التفلسف، التي هي ما يسمى مرحلة الصراع الصراع المعرفي الاجتماعي.

التطبيق الثالث: مستوى الصراع المعرفي الاجتماعي

6- في مطلع هذه المرحلة، يقوم الدارس بالتعريف الدقيق الممكن للشعور, أو أي موضوع يكون بصدد دراسته, وذلك بالانتقال من التعريف الرأي إلى ضبط التصور, بكل دقة ممكنة, ويستحسن أن يوضع هذا العمل في جدول، مبين للخطوات المطلوبة بوضوح, وذلك كالاتي:


إعادة تعريف المفهوم أو بناء التصور إشكالا يتعين حله إعادة التساؤل أو الأشكلة غموض التعريف - الرأي
الشعور هو إدراك النفس لأحوالها وأفعالها المعرفة إحساس أو شعور لا فرق بين الإنسان والحيوان 1



الشعور إحساس




التجاوز: المطلوب هو تضافر كل الجهود من أجل ترقية مستمرة للمعرفة وتفادي الجدل العقيم التمييز بين الإحساس والشعور إلغاء المعرفة 2
" " "

- يستحسن أن ينظم هذا الصراع أثناء الدراسة في القسم، لكن إذا تعذر ذلك، فعلى الدارسين أن ينظموه في جماعات صغيرة بينهم، ليمارسوا بذلك التدرب على عملية التفلسف، التي يتعين عليهم الوصول فيها إلى مرتبة الكفاءة والإتقان، وتعتبر مرحلة الصراع الاجتماعي هذه، هي مرحلة ممارسة التفلسف بالفعل، حيث تشتمل خاصة على:
- تنظيم الصراع المعرفي الاجتماعي.
- ممارسة الحوار الذاتي الصامت.
- البرهنة على التصورات المتناقضة.
- التموقع في مستوى عقلي.
- معالجة النصوص المتناقضة بالتحليل، لإبراز التناقض القائم بينها.
- الهدف هو بلوغ مرتبة التفكير المستقل لدى الدارس.

2- اللاشعور
التطبيق الأول: المستوى اللغوي

ا- (المعجم اللغوي – القاموس)
لا يوجد, وهي مسألة مثيرة للتساؤل عن عمل مجمعات اللغة العربية الموجودة في كثير من الدول؟

- اشتقاق وتعريفات معجمية:
- لا شيء في القاموس العربي عن هذا الموضوع، الذي لم يكن موجودا عند وضع المعاجم اللغوية العربية القديمة.

استنتاج:
غياب موضوع اللاشعور من المعجم العربي المعاصر أو القاموس، يفسر معنى اتهام اللغة العربية بالجمود، وذلك لأن القائمين عليها من مجمعات اللغة العربية، لم تضف هذه الموضوعات الجديدة في شتى الميادين إلى رصيد اللغة العربية, بحيث بقيت قواميسها مقتصرة على ما يوجد في المعاجم اللغوية القديمة، التي تم وضعها في القرون الوسطى، وهي مسألة في منتهى الخطورة. وماذا يا ترى هي وظيفة المجمعات اللغوية العربية الموجودة في كثير من البلدان العربية، والتي تقع هذه المسألة في صميم اختصاصها؟

ب- ( المعجم الفلسفي – معجم صليبا):
- اللاشعور: هو مجموع الأحوال النفسية الباطنية المؤثرة في السلوك، دون شعور بها
- ما تحت الشعور: وهي الأحوال النفسية القابلة لإخراجها إلى الشعور
- اللاشعور الجمعي: يقابل عند يونغ اللاشعور الفردي، والفرق بينهما هو أن الأول يتكون من المكتسبات الإنسانية عبر التاريخ، بينما يتكون الثاني من مكتسبات الفرد.

تمارين
1- محاولة التعريف اللغوي:
أ- وضع التلميذ تعريفات لغوية عديدة لـ اللاشعور العادية والمرضية

2أ- محاولة التعريف في ميادين مختلفة:

- في ميدان اللغة:
- في ميدان الفلسفة:
- في ميدان الفلسفة الإسلامية:
- في ميدان الفلسفة الحديثة:

3- (كلمات- تعريفات): النسيان – الحلم- العدو- الهضم- الكتابة- الخوف من الظلام- السياقة- التنفس- الخطو – الفرح- الشوق- الهستيريا.
يختار التلميذ كلمتين من هذه الكلمات؛ واحدة معبرة أحسن تعبير في نظره عن مفهوم اللاشعور، والأخرى منافية له، ثم يبرر أسباب اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه ومع من يستطيع التحاور معه، قدر الإمكان، من أجل رسوخ الفهم.
في هذا المستوى، يقع التعامل مع ( كلمات _ تعار يف )،مثل هذه التي مرت بنا.

4- (كلمات- إشكاليات): كذلك، يقع التعامل في هذا المستوى مع (كلمات _ إشكاليات)، وفيها يختار التلميذ أيضا كلمتين، هما الأحسن طرحا في نظره لإشكالية اللاشعور، ويقوم بتبرير اختياره كتابيا، ثم شفهيا في حوار ذاتي، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، من أجل تعميق الفهم لإشكالية اللاشعور(ارجع إلى الكلمات السابق، وقم بالأشكلة على اثنتين منها).

5- ( الجمل _ التعريفات): التعامل مع (الجمل- التعريفات) بعد أن تم التعامل مع الكلمات، التعريف والأشكلة، ننتقل بمستوى التدرب إلى التعامل مع الجمل التعريفات، ويمكن للدارس يختار جملتين على الأقل مما يأتي ، واحدة معبرة - في نظره – هي أحسن تعبير عن اللاشعور، وأخرى منافية له، ثم يقوم بتبرير اختياره كتابيا، وشفهيا في حوار ذاتي صامت، ثم في حوار علني مع زملائه، ومع كل من يستطيع التحاور معه، حتى يتعمق الفهم لموضوع اللاشعور، ويقترب المتدرب شيئا فشيئا من امتلاك كفاءة التفلسف، التي هي في هذا المستوى من الدراسة، مستوى التعليم الثانوي، هي ذاتها كفاءة تحرير المقالة وتحليل النص الفلسفيين.
الجمل: اللاشعور هو فلتات اللسان- اللاشعور هو الحلم- اللاشعور هو أحلا اليقظة- اللاشعور هو الحفظ- اللاشعور هو التذكر- اللاشعور هو الهذيان.


التطبيق الثاني: مستوى الصور

6– هذه صور عدة، معبرة بغموض عن مفهوم اللاشعور، يختار الدارس صورة معبرة – في نظره – أفضل تعبير عن مفهوم اللاشعور، وصورة أخرى منافية له, ويقوم بتبرير اختياره كتابيا ثم شفهيا في حوار ذاتي داخلي بينه وبين نفسه، ثم في حوار علني مع زملائه ومع كل من يستطيع التحاور معه من أجل ترسيخ مفهوم الشعور لديه.
الصور: تسارع التنفس- تسارع ضربات القلب- الحب- الكراهية- طريقة الكتابة- الخوف من الظلام- الخجل- الخوف من الغول- الصرع- الحلم- الكرم- الاجتهاد.

- يقدر الخبراء أن انتهاء هذه المرحلة اللغوية أساسا، يصبحها إدراك التلميذ وجود اختلافات في وجهات النظر، ويقف على التناقض الواضح بينها، خاصة منها المشهورة بخلافاتها الحادة، مثل النظريتين العقلية والحسية، وينتج عن هذا الإدراك شك التلميذ في موقفه الشخصي من الموضوع، وهنا يصبح مهيئا لدخول مرحلة التفلسف، حيث إنه أي التفلسف، لا يحدث إلا عندما يتطرق الشك إلى ذهن من يقوم بالتفكير، وعندئذ يبدأ في طرح الأسئلة أو التساؤلات، وذلك هو لب التفلسف، أي الأشكلة أو طرح الإشكاليات التي هي موضوع الأسئلة أو التساؤلات الفلسفية، وما دام الشك قد حصل وهو شرط التفلسف، فلندخل مرحلة التفلسف، التي هي ما يسمى مرحلة الصراع الصراع المعرفي الاجتماعي.

التطبيق الثالث: مستوى الصراع المعرفي الاجتماعي

7- في مطلع هذه المرحلة، يقوم الدارس بالتعريف الدقيق الممكن للشعور, أو أي موضوع يكون بصدد دراسته, وذلك بالانتقال من التعريف الرأي إلى ضبط التصور, بكل دقة ممكنة, ويستحسن أن يوضع هذا العمل في جدول، مبين للخطوات المطلوبة بوضوح, وذلك كالاتي:

(حاول وضع تصور لـ اللاشعور في الجدول انطلاقا من التعريف الرأي ثم باقي الخطوات على غرار ما رأيت في الشعور.)


إعادة تعريف المفهوم أو بناء التصور إشكالا يتعين حله إعادة التساؤل أو الأشكلة غموض التعريف - الرأي
1







التجاوز: المطلوب هو تضافر كل الجهود من أجل ترقية مستمرة للمعرفة وتفادي الجدل العقيم 2
" " "

- يستحسن أن ينظم هذا الصراع أثناء الدراسة في القسم، لكن إذا تعذر ذلك، فعلى الدارسين أن ينظموه في جماعات صغيرة بينهم، ليمارسوا بذلك التدرب على عملية التفلسف، التي يتعين عليهم الوصول فيها إلى مرتبة الكفاءة والإتقان، وتعتبر مرحلة الصراع الاجتماعي هذه، هي مرحلة ممارسة التفلسف بالفعل، حيث تشتمل خاصة على:
- تنظيم الصراع المعرفي الاجتماعي.
- ممارسة الحوار الذاتي الصامت.
- البرهنة على التصورات المتناقضة.

النصان:

1- اللاشعور في نظر فرويد
إن اكتشافات "برنهايم" المتعلقة بظواهر الإيحاء، بعد التنويم، هي التي أوحت إلى فرويد بالدلالة على التي اكتسبها اللاشعور في التحليل النفسي. لقد كان "برنهايم" يمارس التنويم في مدينة " نانسي"، وكان يأمر مرضاه المنومين مثلا بفعل من الأفعال، في وقت معين، وكان المريض- بعد ما يوقظ – يفعل ما أُمِر به في الوقت المحدد، دون أن يشعر قط بالأمر الذي تلقاه.
فخطر لفرويد أن هذه الظاهرة، تبين أن العناصر الموجودة في حالة كمون، أو لا شعور في الحياة النفسية، لا تبقى بالضرورة في حالة (عجز) وركود. فقد يبقى العنصر لا شعوريا، ومع ذلك يؤثر في السلوك.
وربط فرويد هذه الوقائع التي تظهر "فعالية" اللاشعور، بنظريته في الكبت، على أساس أن السبب الوحيد الذي من أجله، تصير بعض المضامين أو بعض التصورات فعالة، دون أن تتغلغل في الشعور، إنما يكمن في كون الدخول إلى الشعور ممنوعا عليها. وتكون هذه الوضعية من كون مضمون هذه التصورات، يحرك ميولا تعارضها قوى أخرى سيطرة على الشعور. ويرى فرويد أنه لا شك في أن رفض الأفكار اللاشعورية، إنما تقوم به الميول التي تتجسد في مضمون هذه الأفكار.
وبهذا نصل إلى التصور الفرويدي لتفكك الحياة النفسية. فتُستبعد بعض المضامين النفسية، بسبب مضمونها الديناميكي، وهذا يعني أنه لا يمكنها أن تتوغل حتى تبلغ الشعور، وأنها تمثل مجالا على حدة، ومع ذلك فإن مدلول اللاشعور يتدعم بعنصر جديد جوهري. إذ اللاشعور، لم يعد مكبوتا خارج الشعور فحسب، بسبب صراع ديناميكي، بل إنه يمارس أيضا تأثيرا فعالا في السلوك الواعي، دون أن يتوغل بسبب ذلك إلى اللاشعور.
وعلاوة على مدلول اللاشعور من حيث هو عامل ديناميكي في السلوك، فإن التحليل النفسي يعطي اللاشعور معنى آخر، إنه يستعمله ليدل على جزء في بنية الشخصية. لقد جعل فرويد من اللاشعور، بالاعتماد على تحليل الأحلام شيئا آخر، زيادة على كونه خاصية خفية لبعض العناصر الفعالة من الحياة النفسية. واستنتج من آلية تكوين الحلم مجموعة من العمليات والآليات، التي كانت - من قبل ذلك – مجهولة، والتي جعل منها فعاليات نفسية واقعية، على الرغم من كونها لا شعورية. ولهذا السبب جعل فرويد من اللاشعور "جزءا" من النشاط النفسي و "قطاعا" من الحياة النفسية، نكتشف فيه " المضامين اللاشعورية" بالمعنى الديناميكي للكلمة. فأصبح اللاشعور مستعملا بمدلول (موضعي) للإشارة إلى "قطاع"، أو إلى منطقة من الحياة النفسية، وفي هذه المنطقة تجري مجموعة من العمليات اللاشعورية، كما تجري في منطقة الشعور العمليات النفسية العادية(...).
وبهذا أصبح اللاشعور عنصرا "بنائيا" فرضيا، استعمله التحليل النفسي في بعض الأحيان استعمالا، ليس له ما يبرره. وكانت نتيجة ذلك تحويل مركز الثقل في الحياة النفسية، بصورة عاجلة، إلى الجهات المبهمة واللامعقولة منها، وأصبح من العادة الجارية، في اللغة الشعبية، وحتى لدى بعض علماء النفس، أن تُفسر أنواع كثيرة من الظواهر، باللجوء البسيط إلى اللاشعور.
جوزيف نيتين
Jusef Nuttin


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2- إنكار اللاشعور
أليست الحياة النفسية اللاشعورية مفهوما متناقضا؟ وإلا، إذا وُجد في الحياة النفسية لا شعور، فما هو وجوده؟ إن إنكار اللاشعور أمر تتضمنه " كل دراسة نفسية للشعور"، تقبل المصادرة المثالية الديكارتية على شفافية كلية للموضوع، عند معرفته. وقد قام علم النفس التقليدي على فكرة المعقولية التامة هذه، وعلى التطابق المطلق بين الموضوع والعلم به. وتضع دعواه الأساسية أن الشعور والحيات النفسية مترادفان، وبالتالي إن الظاهرة إما لا شعورية فيزيائية، وإما شعورية نفسية. إن هذا الموقف المنكر لـ اللاشعور، هو أكثر المواقف انتشارا (وأكثرها تعرضا لهجومات فرويد). وهو الذي نجده في كثير من المؤلفات النفسية والطبية العقلية التقليدية. ومن أشهر الأمثلة على الإنكار لـ اللاشعور، المثال الذي روَّجه (بومك) وأتباعه، منذ ثلاثين سنة، في ميدان الطب العقلي بألمانيا، حيث ما يزال تأثير هذه المدرسة قويا. وصيغة الحجة المضادة للوجود "أي الدليل على لا وجود لغير الشعور" هي كما يلي: إن الظاهرة النفسية اللاشعورية، لا توجد إلا بالكف عن الوجود. إذ المجود النفسي، يستلزم أن يكون موضوعا لمعرفته. وتقوم هذه لحجة على "ملاحظة" أن لا شيء مما يسمى لا شعوريا، لا يمكنه أن لا يمر، أو أن يكون لم يُرَ بالشعور، متجاهلة – ببساطة – أن الظواهر النفسية، ليست أشياء متحيزة في المكان، بل هي تجليات في الزمان ( فالذكرى ...اللاشعورية)، إما أنها حصلت في الشعور، وإما أنها يمكن أن تحصل، بحيث تضطر كل من المثالية، التي لا تقبل في الموجود أي غموض، أو الواقعية، التي لا تقبل فيه أي بيان إلى "سيكولوجية مستوية"، ( هي سيكولوجيا الروح أو سيكولوجيا السلوك، عند التأويل المعاكس).


هنري إي
Henry Ey




Aucun commentaire: